الخميس، 12 فبراير 2015



للشارقة في ظل الاتحاد شأن كبير، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الشقيق الأصغر للشيخ خالد ، لم يكن هو الحاكم الذي وقّع وثيقة الاتحاد، إلّا أنـّه الحاكم الذي أمضى الوقت الأطول في ظل الاتحاد، حيث لم يستمر حكم الشيخ خالد سوى سنة واحدة فقط في بدايات الاتحاد.


صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي

ولد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان في السادس من يوليو عام 1939 م ، وتولى مقاليد الحكم مباشرة بعد وفاة أخيه الشيخ خالد؛ حيث أصبح رسميًا عضوًا في المجلس الأعلى للاتحاد ، وحاكمـًا لإمارة الشـارقة.
عرف عن سموه تعلقه بالعلم وشغفه بالمعرفه، وفضوله لسبر أغوار التاريخ، وإلمامه بالأحداث القديمة التاريخية، وهوايته للقراءة والاطلاع. يعد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الحاكم الخامس عشر لإمارة الشارقة، حيث سبقه في الحكم أخوه الأكبر الشيخ خالد، ومن قبلهما والده الشيخ محمد القاسمي، وقد تشرّب سموه على يديهما أصول الحكم وسعة الصدر والقدرة على حل مشاكل المواطنين، والنظر في مصاعب الحياة والقدرة على تجاوز المشاكل.
وقبل توليه الحكم في الشارقة كان قد تولى منصب وزير التربية بعد قيام الاتحاد عام 1971 ، ورئيس الديوان الأميري في الشارقة.
قاد سموه - حفظه الله- مسيرة التنمية الثقافية والاجتماعية في الشارقة ، وبذل مجهودًا جبارًا، ووفّر مصادر تشجيع التفاعل الشعبي والحوار الثقافي البناء محليًا وعالميًا، وقد شجع على قيام مؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية، وعزز من مهام مجلس الشارقة الاستشاري لتفعيل المشاركة بين المواطنين والقيادة، كما شدد على التقليل من المركزية، وتشجيع المجالس البلدية في مدن الإمارة وقراها ؛ بهدف تعميق مشاركة الجميع في التخطيط والمشاريع واتخاذ القرار.
كما اتخذ سموه العديد من القرارات الجريئة والنوعية؛ بهدف مد جسور التعاون الثقافي مع مختلف شعوب العالم، وخصص العديد من النشاطات والجوائز لخدمة هذا الغرض، كما اهتم بدور الشباب ووجّه إلى الاهتمام بهم واشراكهم في تحمل المسؤولية، وجاء اهتمام سموه بهذه القضية شخصيًا؛ لإدراكه حجم المسؤولية التي يتحملونها مع القيادة للعمل على استمرارية الازدهار الذي تعيشه البلاد.

صفاته

اشتُهِر سموه بثقافته الواسعة، وعشقه للوحدة العربية، وحبّه العلم، وقدرته على تأليف الكتب في التاريخ والمسرح. ومما يميز شخصيته تقديره العلماء، وتشجيعه البحث العلمي، والسير في طريق المعرفة لتحقيق الأفضل، وينعكس هذا الولع العلمي على الإمارة التي تزخر بالمراكز العلمية والثقافية، والمكتبات والمدارس والجامعات، حيث تعد مدرسة القاسمية في الشارقة أول مدرسة طبقت نظام المناهج الدراسية المنتظمة في الدولة.
تضم الإمارة عددًا من الجامعات الحكومية والخاصة التي تدرس المجالات كافة ، وتعد أهم جامعتين فيها جامعة الشارقة وأمريكية الشارقة اللتان تحظيان بدعم شخصي كريم وكبير من سموه.
"لقد آثرنا العمل بخطوط متوازية لتحقيق التنمية في المجالات كافة، واضعين نصب أعيننا تنمية الإنسان أثمن رأسمال، وما حققناه - بفضل من الله - ممثلًا في توفير بُنى ثقافية، ومؤسسات اجتماعية ومنارات تعليمية، مع ما يرافقها من برامج تنويرية على مدى الأيام والسنين جعل شارقة الخير والمحبة منارة ثقافية، وجدت ذاتها مع نظيراتها العربيات ، كمركز إشعاع ونور وعلم يستفيد منه الجميع، مقيمين كانوا أم هم ضيوف أعزاء" صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي
الأمن والأمان حلم الناس جميعهم، ويحسب لسموه الاستقرار الكبير الذي تعيشه الإمارة اليوم بعد أن عصفت بها مجموعة من الأزمات المتلاحقة التي استطاع سموه بحكمته أن يحولها إلى تاّلف وأمان.

نظرة عن قرب

تزوج سموه من الشيخة موزة بنت سالم بن مانع ولديه منها الشيخ محمد (رحمه الله) والشيخة عزة.
كما تزوج من سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الأعلى للأسرة في الشارقة ، ولديه منها أربعة أبناء : (الشيخ خالد بن سلطان ) و (الشيخة بدور ـ الشيخة نور ـ الشيخة حور).

أنهى سموه تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي متتنقلًا ما بين الشارقة ودبي والكويت ، وقد درس في مدرسة القاسمية في الشارقة، وثانوية الشويخ في الكويت، واهتم بالرياضة والمسرح منذ صغره؛ فلعب دور (جابر) في مسرحية المروءة المقنعة عام 1956م ، ولعب في فريق كرة القدم في مدرسته القاسمية منذ عام 1955 وكان رئيسًا لفريق الشارقة عام 1956 م ، ورئيسًا لنادي الشعب عام 1963 م ، كما اهتم بالجري والصيد والرحلات.
في عام 1965م سافر إلى القاهرة، ثم حصل على بكالوريوس في العلوم (هندسة زراعية) من جامعة القاهرة عام 1971، ثم حصل على دكتوراة الفلسفة في التاريخ عام 1975 من جامعة إكستر في بريطانيا.
وعام 1985 حصل على دكتوراة فخرية في الآداب من الجامعة نفسها، وفي عام 1999 منحته جامعة (دورهام) في بريطانيا دكتوراة الفلسفة في الجغرافيا السياسية للخليج ، كما منحته العضوية الفخرية في مركز الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية.
وسموه عضو فخري في معهد الدراسات الإفريقية في جامعة الخرطوم منذ عام 1977، التي حصل منها على دكتوراة فخرية في الحقوق عام 1992. في عام 1999 منحه اتحاد الفنانين التشكيليين العالمي في باريس دبلوم الشرف عن جهوده لإحياء الفنون العالمية.
في عام 2001 حصل على دكتوراة فخرية في التربية من الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، والدكتوراة الفخرية في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة أدميرا في أسكتلندا في العام نفسه ، ثم حصل عام 2006 على دكتوراة فخرية من جامعة (تيوبنجن) الألمانية.
وحصد سموه العديد من الجوائز الثقافية العالمية كجائزة معهد الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية ـ اسطنبول 2000م ، وجائزة ابن سينا من منظمة اليونسكو التي انتقت الشارقة لتكون العاصمة الثقافية للعرب عام 1998 ، وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام والمسلمين عام 2002 ، ووسام الجمهورية التونسية للفنون والآداب برتبة فارس عام 2002م .
ومؤخرًا منح جائزة الشيخ زايد للكتاب والشخصية الثقافية لعام 2009\2010 وسموه رئيس فخري للمنظمة العربية للعلوم والتكنولوجيا من عام 2000
لم تثنه مسؤولياته الجسام عن التأليف في التاريخ والسياسة والمسرح، فعشقه للعلم والثقافة انعكس على جميع مؤلفاته التي تتناول التاريخ بشكل مختلف، ومن هذه المؤلفات: - حديث الذاكرة لندن، المملكة المتحدة ، 2012 - سرد الذات، منشورات القاسمي، الشارقة ، 2011 - حصاد السنين، منشورات القاسمي، الشارقة ، 2011 - تقسيم الامبراطورية العمانية ( 1862 – 1856 )، مؤسسة البيان، دبي 1989 - شمشون الجبار ، منشورات القاسمي، الشارقة ، 2009 - النمرود، منشورات القاسمي، الشارقة ، 2008 - الإسكندر الأكبر، منشورات القاسمي، الشارقة ، 2006
خاتمة القول ...
إن التنمية في إمارة الشارقة هي الهدف الأسمى الذي كرس له صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حياته؛ فهو يؤمن بأن التنمية في نهاية المطاف هي من أجل الإنسان، ولهذا فقد أولى الجانب الثقافي جل اهتمامه، الجانب الثقافي الذي ينطلق من مبادئ الدين الحنيف والثقافة العربية الأصيلة، التي تؤدي بدورها إلى الحفاظ على التراث والنسيج الاجتماعي الذي يسعى إليه كل من جعل النهضة والارتقاء همّه.
إنه رجل العلم والثقافة بامتياز، لم تشغله يومًا شؤون الحكم عن الاطلاع والاستزادة من مناهل الثقافة المتنوعة، فاستقى من المسرح والأدب والتاريخ ، ودرس العلوم الزراعية ، ونال الشهادات والأوسمة والجوائز في مختلف المجالات، كما أغدق بعطاءاته الكريمة؛ ليعلي من مكانة الإسلام والمسلمين في كل مكان ، فأنشأ المراكز الإسلامية والمكتبات ودور البحث المجانية؛ ليتسنى للجميع الدخول إليها والاطلاع على كنوزها دون عقبات.
بارك الله في عمر شيخنا، وأمده بقوة وصحة من عنده، فمعين عطائه ما زال فيه الكثير ، هذا المعين الذي يتدفق حبًا وعطاء خالدًا.





http://www.alittihad.ae/details.php?id=8370&y=2015


ليست هناك تعليقات: